سجدة قلب مراقب عام
علم الدوله : أوسمتى : الجنس : كيف عرفت المنتدى : من البحث احترام قوانين المنتدى : عدد المساهمات : 3966 نقاطى : 12789 عدد مرات الشكر : 17 دعائى : مزاجى : شيخك المفضل : محمد حسان تاريخ ميلادى : 09/04/1993 تاريخ التسجيل : 23/10/2009 عمرى : 31 بلدى : مصرررررررر العمل/الترفيه : طالبة .. فى ملك الله
| موضوع: وصايا تربوية السبت ديسمبر 04, 2010 6:50 pm | |
| الوصية الأولى أخلص لله نيَّتُك _______________________________
آكِلُ الإخلاص.. يروعُكَ ويهولُكَ ذلك المشهدِ المؤلمِ عندما تتخيلُهُ حقيقةً ماثلةً أمامكَ بعد أن تَلقَّفَتْهُ أُذنيك وأنت به موقِن!! إنه مشهدُ أوَّل خَلْقِ الله تُسعَّرُ بهم النَّارُ يوم القيامةِ !! ثمَّ تتساءلُ كيف هانَ عليهم ؟! بل كيف تحمَّلوا أن يكون ذلك مصيرُهم؛ وهم الذين لن يَبلُغَ أحدٌ مبلغهم من الجُهدِ والتَّعبِ والصَّبر في سبيلِ ما حصَّلوا؟! (قارئٌ للقرآن وشهيدٌ ومنفقٌ للمال!!)
كم تعِب الأوَّلُ وكم سهِرَ وكم أعادَ حتى حفظَ القرآن؟! كم صبر الثاني وكم صابر ورابط حتى لقي العدو ثمَّ استشهد؟! وكم تحمَّل الثالث السَّعي والكدَّ حتى حصَّل المال ثمَّ أنفق؟! ثمَّ ما الذي حدث؟! ما الذي تغيَّر؟! وما الخللِ الذي أوْدى بعملِ هؤلاءِ ثمَّ بحياتِهم إلى بئس المصير؟! إنّهُ الشركُ الخفي، أخوفُ ما كان يخافهُ علينا رسول الله - صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- .. إنَّه الرياء آكِلُ الإخلاصِ وملتهِمُ الأعمال ومُفسدُ النِّيات. إنَّه السَّعيُ الحثيث والكدُّ المريرِ والجُهد البالِغ، من أجل كلمةٍ واحدة أوإشارة واحدة: (هو قارئ..هو شجاع..هو منفق) وقد قيل!! ثمَّ ماذا؟!
الإخلاص
أضْخم قضيَّة.. إنَّ أضخمَ قضيةٍ واجهها الوِجدانُ الإنساني ويواجِهُها, وكانت ولازالت وستظلُّ القضيةَ المحورية التي دَفعَ الإسلامُ بها دفعاً لتقويمِ سلوك الإنسان وتصرفاتِه, وتصحيحِ نظرته وتصوراته هي النية. وهي الأصلُ الذي لا يتفرَّعُ, والرُّكنُ الذي لايتجزئ، وحجرُ الزَّاوية لأي عملٍ من الأعمال. بها يَكْبُرُ العمل ويصُحُّ, وبِدونِها يَضيعُ ويَفْسُد, وعليها يكون الجزاءُ والحساب, والثوابُ والعِقاب!!."قلِ اللهَ أعْبُدُ مُخْلِصَاً لَهُ دِيْنِي" .. طالما صاح بها المحاسبي رحمه الله مُنبِّهاً ومذكِّراً: (افحص عن النِّية، واعرفِ الإرادة؛ فإن المجازاة بالنية.)
الإخلاص:
زادك الذي به تثبُت، وبه تُواجه، وبه تصبر وتصابر، وبه تتجلَّد وتُجالِد " فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا " إنَّه زادك الذي به تصِلُ إلى الله؛ فإليه يصعدُ الكَلِمُ الطِّيب، والعملُ الصَّالِح، والدُّعاء الخالص، والدَّمعُ النَّقي. أمُتَّخِذِ الإخلاصِ لله جُنَّةً ومن يَعْتصِم باللهِ فاللهُ حَسْبُهُ إنه زادُك ورأسُ مالِك وسبيلُك للفوز في تجارةٍ بضاعتُها روحُكَ التي تَحمِلُها على راحتيك.. يَجُودُ بالنَّفْسِ إِنْ ضَنَّ الجَوادُ بِها والجودُ بالنَّفْسِ أَقْصَى غايةِ الجُودِ " إنما الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى فَمَنْ كانت هِجْرَتُهُ إلى دُنْيَا يُصِيبُهَا أو إلى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إلى ما هَاجَرَ إليه"
والأمرُ ليس بالسَّهل كما يُحاول أن يصوِّرهُ البعض!! بل شاقٌ ومضنٍ يحتاج من العبدِ أن يكون خبيراً بمداخِل الشيطان ونزواتِ النَّفس وأهوائها, فيكون حذراً منتبهاً مدركاً لقولِ سفيان الثوري رحمه الله: (ما عالجت شيئاً أشد عليَّ من نيَّتي فإنها تنقلب عليَّ)1 ومُتدبِّراً لقول يحيى بن معاذ (الإخلاصُ يَميز العمل من العيوب، كتمييز اللَّبن من الفرث والدم)2 ومصغياً ليوسِف بن أسباط وهو ينادي (تخليصُ النِّية من فسادها أشدُّ على العاملين من طول الإجتهاد)3( ) وهل العاملون إلا هم وأمثالهُم !؟ فحريٌ بهم أ ن يفتِّشوا عن نيَّاتِهم ويَسْتجْوبُوا أنفُسهُم ويُحقِّقوا في مُرادهم؛ فأي خسارةٍ يمكن أن يُمْنى بها الإنسان أعظمُ من ضياعِ جُهدٍ رُبَّما كلَّفه حياتَه أوحريَّته أوسلامته؟!. حقيقة البيعة.. عندما تَكثُرُ الدَّعاوى، وترتفعُ الأصواتُ، ويتهافتُ المُتهافِتون، وتَشْرَئبُّ الأعناقُ لكلمةٍ أو عطيةٍ أو مِنحةٍ، تبرزُ حقيقة البيعة!! هذا ما أدركه ابنُ القيِّم حين نادى: (لا يَجتمِعُ الإخلاصُ في القلبِ ومحبةُ المدحِ والثناء والطمع فيما عند الناس، إلا كما يجتمعُ الماءُ والنَّار والضب والحُوت، فإذا حدَّثتك نفسك بطلبِ الإخلاص فأقبل على الطَّمع أولاً فاذبحه بسكينِ اليأس، وأقبِل على المدحِ والثَّناء فازهد فيهِما زهد عشَّاق الدنيا في الآخرة، فإذا استقام لك ذبحُ الطمع والزهد في الثناء والمدح سهل عليك الإخلاص)
انظر ما خالط قلبك.. انظُر إلى قلبك جيداً !! انظر إلى أخلاطه.. إلى شوائبه .. انظر إلى ما يُعكِّرُ الصفاء ويوهِم بالنقاء..إلى ما يشوِّه الحقيقة ويلمِّع الخيال.. إلى ما يجعلُك تسقط وأنت من أراد العُلو!! نُريدُه إخلاصاً يتجاوز اللِّسان، ليوقفَ صاحِبَهُ عند منصَّة التفكُر في أثر التَّساهل في هذه القضية الضخمة. فرياءٌ أو حبُّ مدحٍ أو تطلُّعٍ لمنصبٍ يُصاب به الفرد، لاشكَّ أنه يصيب جماعة المجاهدين فيؤخِّرُ النَّصر، ويصعِّب الأمر، ويسلِّط العدو، فإمَّا توبة تُبعِدُ عنَّا شُؤم تلك المعصية، وإمَّا أن نُبعِد من عرفنا منه ذلك من بيننا. المجاهدُ حرٌ.. رفض الذُّل فتحرك، ورفضَ القَيْد فتحرَّر، ورفضَ الخُنوع فثار. إنك حرٌ ومن سِمات الحُرِّ الغيرة، فلا ترضى أن يُشاركك في سعيك إلى الله شيء."قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" ثمَّ احذر فإنَّ الله (إذا أبغض عبداً أعطاه ثلاثاً ومنعه ثلاثاً، أعطاهُ صُحبةَ الصالحين ومنعه القَبولَ منهم، وأعطاهُ الأعمالَ الصالحة ومنعه الإخلاص فيها، وأعطاهُ الحكمَة ومنعه الصِدق فيها)
من صفا صُفِي له ومن خَلَطَ خُلِط عليه.. هذا صفا: رجلٌ من الأعراب (لم يذكُر الرُّواة اسمه لأنَّه غير معروف، ولكن ما ضَّره ذلك فكفاهُ أن يعرِفه ربُّه يوم تُبلى السَّرائر) جاء إلى النبي فآمن به واتَّبعه ثم قال: أُهاجر معك فأوصى به النبيُّ بعض أصحابه فلما كانت غزوةٌ غَنِم النبيُّ فقسَم وقَسَم له، فأعطى أصحابه ما قَسَم له وكان يرعى ظهرهم فلمَّا دفعوه إليه قال: ما هذا؟ قالوا قَسْمٌ قَسَم لك النبي فأخذه فجاء به إلى النبي - صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فقال: ما هذا؟ قال: ( قسمتُه لك )!! قال: ما على هذا أتبعُك ولكن اتَّبعْتُك على أن أُرْمَى إلى ها هنا وأشار إلى حَلْقِهِ بسهمٍ فأموت فأدخل الجنة. فقال إن تَصْدُقِ الله يَصْدُقْكَ )، فلبثوا قليلاً ثم نهضوا في قتال العدوّ فأُتِيَ به النبيَ يُحْمَلُ قد أصابه سهمٌ حيث أشار فقال: النبي - صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أهُو هو؟ ) قالوا: نعم قال: ( صَدَقَ اللهَ فَصَدَقه ) ثم كَفَّنه النبي في جُبَّة له ثم قدَّمه فصلى عليه فكان مما ظهر من صلاته اللَّهم هذا عبُدك خرج مهاجراً في سبيلك فقُتل شهيداً أنا شهيد على ذلك )
وهذا خلط .. يُروى عن بعضهم قال: غزوتُ في البحر فَعَرضَ بعضُنا مِخلاةً فقلتُ أشتريها فأنتفعُ بها في غزوي، فإذا دخلتُ مدينةَ كذا بِعتُها فربحت فيها، فاشتريتُها فرأيتُ تلك الليلة في النومِ كأن شخصين قد نزلا من السماءِ فقال أحدهما: لصاحبِه: اكتب الغُزاةَ، فأملى عليه: خرج فلانٌ مُتَنَزِّهاً، وفلانٌ مُرائياً، وفلانٌ تاجراً، وفلانٌ في سبيل الله. ثم نظر إليَّ وقال: اكتُب فلانٌ خرج تاجِراً!! فقلتُ الله الله في أمري، ما خرجت أتَّجرُ، وما معي تجارةً أتَّجر فيها!! ما خرجتُ إلا للغزو. فقال: يا شيخ قد أشتريتَ أمس مخلاةً تريدُ أن تربح فيها!! فبكيتُ وقلتُ: لا تكتبوني تاجراً فنظر إلى صاحبه وقال: ما ترى؟ فقال: اكتُب خرجَ فلانٌ غازياً إلاَّ أنَّه اشترى في طريقِه مخلاةً ليربح فيها، حتى يحكم الله عز وجل فيه بما يرى. وقد قيل: الإخلاص دوام المراقبة ونسيان الحظوظ كلها.
وصايا.. • قال رسولُ الله - صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يوصي عبد الله بن عمرو - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - يا عَبْدَ اللَّهِ بن عَمْرٍو إن قَاتَلْتَ صَابِرًا مُحْتَسِبًا بَعَثَكَ الله صَابِرًا مُحْتَسِبًا وَإِنْ قَاتَلْتَ مُرَائِيًا مُكَاثِرًا بَعَثَكَ الله مُرَائِيًا مُكَاثِرًا يا عَبْدَ اللَّهِ بن عَمْرٍو على أَيِّ حَالٍ قَاتَلْتَ أو قُتِلْتَ بَعَثَكَ الله على تلك الْحَالِ" • وأوصى الفاروقُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - سعد ابن أبي وقاص بمحاسبةِ نفسه وموعظةِ جيشِه. وأمْرِهِم بالنِّية الحسنة والصبر؛ فإن النصر يأتي من الله على قَدْرِ النِّية، والأجر على قدر الحِسبة، وسلوا الله العافية وأكثِروا من قولِ: لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وكتب رضى الله تعالى عنه إلى أبى موسى الأشعرى: من خلُصت نيِّتُه كفاه الله تعالى ما بينه وبين الناس • (إن هذا يومٌ من أيام الله، لا ينبغي فيه الفخر ولا البغي. أخلِصوا جهادَكم، وأريدوا الله بعملِكم. فإن هذا يومٌ له ما بعده) هذا ما أوصى به سيف الله خالد جنده يوم اليرموك. • وهذا ابن القيمِ يوصيك برائعةٍ من فوائده حين يقول ( العملُ بغير إخلاصٍ ولا اقتداءٍ كالمسافر يملؤ جِرابه رملاً يُثقله ولا يَنفعُه) ومُشتَّتُ العَزماتِ يُنْفِقُ عُمره حَيران لا ظَفَرٌ ولا إخْفاقُ
هل يَضُرُكَ أن لا يعرِفك أحد؟ إنها التربيةُ التي يجِبُ أن يتربَّى عليها كُل مجاهِدٍ في سبيل الله وكل عامل لدين الله حين يَحرُصُ على أن لا يعرفَه أحدٌ، ولا يَحْفَلُ به أحدٌ، ولا يُشيرُ إليه أحدٌ، وهي تربيةٌ عمريةٌ كان الفاروقُ رضي الله عنه حريصٌ على إبرازِها أمام جنودِه وأمام رعيَّتِه في المواقف التي لا بُدَّ من التَّأكيدِ عليها حتَّى يستقِر في النفوسِ حقيقة الإخلاص. فبعدَ معركة نهاوند جاءهُ الرَّسولُ مُبشِّراً بالفتحِ العظيم فقال لهُ عمر: النُعمانُ بعثكَ؟ قال الرسول: احتسب النّعمان يا أمير المؤمنين، فبكى عُمر واسترجع. ثمَّ قال: ومن ويحك! قال: فلان وفلان حتىَّ عدَّ له ناساً كثيراً، ثم قال: وآخرين يا أمير المؤمنين لا تعرفُهم فقال عمر وهو يبكي: لا يَضُرُّهم ألاّ يعرفَهُم عمر ولكنّ الله يعرفهم. أيها الحُر: وإذا حَدَثَ أن احتفى بكَ النَّاس وبالغوا في مدحكَ وتزكيتك، فاحذر أن تُصدِّق، فأنت أعلمُ بنفسِك من غيرك، وردِّد أمامَهم ما كان يُردِّدُه الصالحون المخلصون الخائفون: أنا أعلَمُ بِنفسي من غيري، وربِّي أعلمُ بِنفسي مِنِّي، اللَّهُمَّ لا تُؤاخِذهم بِما يَقولون، واجعلني أفضل مِمَّا يَظنون، واغفر لي مالا يَعلمون. أيها الحُر: إنما يتعثَّر من لم يُخلص، وإنَّ قلبك الذي بين جنبيكَ لا يؤثِّر عليك وحدك، وإنما يؤثر على المسيرةِ كُلها وقد نتعثَّر بسببك، وقد تتعثر أنت بسبب غيرك إن لم يُخلص ما دام معك!! فلنَجْعَل شِعارنا جميعاً، شِعار الكرخي رحمه الله يوم يقول: يا نفسُ أخلصي تتخلَّصي. واعلم أن إيثار الله عزوجل أفضلُ من القتل في سبيل الله!! هكذا أدرك يوسف بن أسباط رحمه الله.
ولِم لا فـ"رُبَّ قَتِيلٍ بين الصَّفَّيْنِ الله أَعْلَمُ بِنِيَّتِهِ"
يتبع بإذن الله تعالى
| |
|
سجدة قلب مراقب عام
علم الدوله : أوسمتى : الجنس : كيف عرفت المنتدى : من البحث احترام قوانين المنتدى : عدد المساهمات : 3966 نقاطى : 12789 عدد مرات الشكر : 17 دعائى : مزاجى : شيخك المفضل : محمد حسان تاريخ ميلادى : 09/04/1993 تاريخ التسجيل : 23/10/2009 عمرى : 31 بلدى : مصرررررررر العمل/الترفيه : طالبة .. فى ملك الله
| موضوع: رد: وصايا تربوية السبت ديسمبر 04, 2010 6:52 pm | |
| الوصية الثانية جدد في كل يومٍ توبة _____________________________
دعوةٌ عامَّة.. "وَتُوبُوا إِلَى الله جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون" كيف يوفَّق للنَّصرِ من لم يوفَّق لتوبة؟! وكيف يعودُ بالغنيمةِ من لم يعُد لربِّه؟! وكيف لقلبٍ مريضٍ متعبٍ مُنهكٍ أن ينهضَ بأعباءِ هذه المسيرة وتكاليفِها الباهظة؟! لذلكَ فإنَّ العمل للإسلام والجهادَ بحاجةٍ إلى الذين يتوبون من قريب. إلى الذينَ يقفزون على حساباتِ الرِّبح والخسارة، والنَّجاحِ والفشلِ، والانتصار والإخفاق في المقياس الدُّنيوي المحدود، وينطلقون إلى المجال الأوسعِ والأرحبِ في هذه المُعادلاتِ وتلك الحِسابات. إلى المِقياسِ الحقيقي، المِقياس الإلهي ويقفون مليَّاً عند قوله تعالى: " ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ" هنا يَجِبُ أن نَقِف، ومن هُنا يجِبُ أن ننطلِق، ومن هذا العُمقِ ينبغي أن نغوص. نغوصُ في أعماقِنا ولا شكَّ أنَّنا الأعلمُ بشعابِها ووديانِها، وسهولِها وهِضابِها، وسهلِها ووعرِها، وقريبِها وبعِيدِها.. • نغوصُ غوْصَ من يَبحثُ عن الشَّوائبِ فيُزيلُها ليُخرج اللآلئ.. • غوص من يَهُمُّهُ الكَيْف لا الكم . النوع لا الشَّكل . المَخْبر لا المظهر. • غوص من أدركَ أنَّه فوَّت الكثير، وسوَّف في الكثير، وتساهلَ في الكثير، وتجرَّأ على الكثير. • غوص من أراد أن يبدأ من جديد، بدايةً تُناسب حجم وخطورة وأهمية المسلكِ الجديد. • غوص من تسلَّل إلى أذنيهِ حديثُ المُشفقِ المُحِب(اشتر نفسك اليوم فإنَّ السوق قائمةً والثَّمنَ موجودٌ والبضائِع رخيصةٌ، وسيأتي على تلك السوقِ والبضائِع يومٌ لا تصِلُ فيها إلى قليلٍ ولا كثيرٍ؛ ذلك يوم التَّغابن يومَ يَعضُّ الظالم على يديه)
شرطٌ له ما بعده
"لا يَتْبَعْنِي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ وهو يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بها وَلَمَّا يَبْنِ بها، ولا أَحَدٌ بَنَى بُيُوتًا ولم يَرْفَعْ سُقُوفَهَا، ولا أَحَدٌ اشْتَرَى غَنَمًا أو خَلِفَاتٍ وهو يَنْتَظِرُ وِلادَهَا" (والغرض هنا من ذلك أن يتفرغ قلبُه للجهاد ويقبل عليه بنشاط) إنَّه القلب الذي نُريدُه. صافياً وخاصاً من ناحيتين:- الأولى: من الأمراض التي تُنكِسُه والثانية: من الأثقال التي تُقعِده أو تُشغِلهُ أو تُعيقُه. فالقلبُ يمرُض كما يمرُضُ البدن وشِفاؤه التوبة، ويَفتُرُ كما يفتُر البدن ونشاطُه بالتوبة، ويُشلُّ كما يُشلُّ البدن وعلاجهُ بالتوبة. والتوبةُ فيضٌ إلهي، وكرمٌ ربَّاني يَمُنُّ به الله تعالى على من أرادَ به الخير، وأراد له الفوز، وكَفل له النَّجاة. إذ ليس العَجبُ فيمن هلكَ كيف هلك!! بل العَجبُ فيمن نجا كيف نجا؟! إنَّ أبواب التوفيقِ تُغلق، ونوافِذُ الخيرِ تُوصد عن الخلقِ حينَ يُسارعون في الذَّنبِ ويؤخرون التَّوبة، وربَّ شهوةِ ساعة أورثت حُزناً طويلاً.
(إنَّ الله سبحانه أفرحُ بتوبةِ عبدِهِ من الفاقِدِ الواجد، والعقيمِ الوالد، والظمآنِ الوارد، وقد ضربَ رسولُ الله - صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- لفرحِهِ بتوبةِ العبدِ مثلاً ليس فى المفروحِ بهِ أبلغ منه) قال رسول الله - صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- "للهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حين يَتُوبُ إليه من أَحَدِكُمْ كان على رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلاةٍ فَانْفَلَتَتْ منه وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ منها فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ في ظِلِّهَا قد أَيِسَ من رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هو كَذَلِكَ إذا هو بها قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قال من شِدَّةِ الْفَرَحِ اللهم أنت عَبْدِي وأنا رَبُّكَ أَخْطَأَ من شِدَّةِ الْفَرَحِ"
التوبةُ الصادقة، والندم الحار، والعزيمة الأكيدة هي التي تجعلك صالحاً للمَهَمَّة الأخطر والأعظم من بين جميع المهمات كلِّها!! مُدَّ يدك إلى الله واصطلح معه فـ "إن الله عز وجل يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ..." فبنورِ وجهــكَ يا إلهاً راحماً زحزح إليكَ عن السعير مكاني وامنن عليَّ بتوبة ترضى بها يا ذا العُلـى والمــنَِّ والإحسان
(إن مالَت نفسُك إلى الشَهوات فاكبحها بِلِجامِ التقوى، وإن أعرضت عن الطاعات فَسُقْها بِسوط المُجاهدة، وإن استحلَّت شراب التَّواني واستحسنت ثوب البطالةِ فصِح عليها بصوت العزم) .
"لا خيرَ في الدُّنيا إلا في رَجُلَيْنِ رجلٌ أذنَبَ ذَنْبَاً فهو يَتداركُ ذلك بتوبةٍ أو يُسارع في دار الآخرة" هكذا قال علي - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ .
نعم.. وإنك -أخي - يا من تعمل لدين الله وتتوق نفسك للشهادة في سبيل الله ممن يُسارع في الآخرة - وأي مسارعة - إنها مسارعة من طلَّق الدنيا واشترى الآخرة، وباع الفاني بالباقي، والآجل بالعاجل ... شعاره: يادنيا غُرِّي غيري. • فجدد في كل وقتٍ توبة فلا تدري متى تلقى الله. • وجدد في كل وقتٍ توبة فقد انتُخبت لأمر عظيم. • وجدد في كل وقتٍ توبةً فقد يتأخر النصرُ بسببك. • وجدد في كل يومٍ توبة فالنَّظرُ إلى قلبكَ لا إلى صورتِك. • وجدد في كل وقتٍ توبة فالعيون شاخصةٌ نحوك.
(واعلم أنَّ الذنوبَ تورِثُ الغفلةَ، والغفلةَ تورثُ القسوةَ، والقسوةَ تورثُ البعد من اللهِ، والبُعد من اللهِ يورثُ النَّار! وإنَّما يتفكَّرُ في هذه الاحياءُ، وأمَّا الأمواتُ فقد أماتوا أنفُسهم بحبِّ الدنيا.)
توبةُ مجاهد ..
كان أبو محجن الثقفي لايزال يُجلد في الخمر فلما أكثر عليهم سجنوه وأوثقوه، فلما كانَ يوم القادسية فكأنَّه رأى أنَّ المشركين قد أصابوا في المسلمين، فأرسلَ إلى أمِّ ولدِ سعدٍ أو امرأةِ سعد، إنَّ أبا محجن يقولُ لك: إن خليْتِ سبيلهُ وحملْتِهِ على هذا الفرسِ ودفعتِ إليهِ سلاحاً ليكوننَّ أولَ من يرجِع إليكِ إلاَّ أن يُقتل وأنشأ يقول: كفى حَزناً أنْ تَلْتَقي الخيلُ بالقَنا وأُتـْـركَ مشدوداً عليَّ وِثاقِـيا إذا قُمْتُ عنَّاني الحديدُ وغُلِّقت مصاريعُ من دوني تُصِمُّ المناديا
فحلَّت عنه قيودَه وحُمِلَ على فرسٍ كان في الدَّارِ وأُعطي سلاحاً ثم خرجَ يركُضُ حتىَّ لحِقَ بالقومِ فجعلَ لا يزالُ يَحمِلُ على رجلٍ فيقتُلَهُ ويدُقُّ صُلبَهُ، فنظر إليه سعدٌ فجعلَ يتعجَّبُ ويقولُ: من ذاكَ الفارسُ قال: فلم يلبثوا إلا يسيراً حتى هزمَ الله العدوَّ ورجعَ أبو محجن وردَّ السِّلاح وجعلَ رجليهِ في القيودِ كما كان.
فجاء سعدٌ فقالت له امرأتُه كيف كان قتالُكم فجعل يُخبرها ويقولُ: لقِينا ولقينا حتى بعثَ الله رجلاً على فرسٍ أبلقٍِ لولا أني تركتُ أبا مِحجنٍ في القيودِ لقلت إنها بعضُ شمائلِ أبي محجن فقالت: واللهِ إنَّه لأبو محجن. كان من أمرِه كذا وكذا فقصَّت عليه قصتَهُ، فدعا به فحُلَّ من قيودِه وقال: لا نَجلِدُكَ على الخمرِ أبدا ًقال أبو محجن: وأنا والله لا أشربُها أبداً فلم يشربْها بعدَ ذلك فجددِ في كلِّ يومٍ توبةً يفرحُ بها لكَ ربُّكَ، وتفرَحُ بها غداً بين يديه. إننا بحاجة ماسة إلى قلوبٍ طاهرةٍ ونفوسٍ زكيَّةٍ لنخرج جميعاً من الظلمات إلى النور .. وما أحوج المجاهدِين إلى نورٍ من ربهِم يهديهم، فيرون الحق حقاً فيتبعوه والباطل باطلاً فيجتنبوه. كما قال ابن تيمية رحمه الله( والمؤمن لا يزال يخرج من الظلمات إلى النور ويزدادُ هدىً فيتجددُ له من العلمِ والإيمانِ ما لم يكن قبل ذلكَ، فيتوبُ مما تركَهُ وفعلهُ، والتوبةُ تَصقل القلب وتُجلِّيه مما عرضَ له من رينِ الذنوب" )
وصيّةٌ حارَّة
استمع بأذني قلبكَ إلى هذهِ الوصيةِ الحارة من سيدي - صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- وهو يُذكِّر أمته من بعدُ حين يقول:"يا أَيُّهَا الناس تُوبُوا إلى الله فَإِنِّي أَتُوبُ في الْيَوْمِ إليه مِائَةَ مَرَّةٍ"
| |
|
سجدة قلب مراقب عام
علم الدوله : أوسمتى : الجنس : كيف عرفت المنتدى : من البحث احترام قوانين المنتدى : عدد المساهمات : 3966 نقاطى : 12789 عدد مرات الشكر : 17 دعائى : مزاجى : شيخك المفضل : محمد حسان تاريخ ميلادى : 09/04/1993 تاريخ التسجيل : 23/10/2009 عمرى : 31 بلدى : مصرررررررر العمل/الترفيه : طالبة .. فى ملك الله
| |
سجدة قلب مراقب عام
علم الدوله : أوسمتى : الجنس : كيف عرفت المنتدى : من البحث احترام قوانين المنتدى : عدد المساهمات : 3966 نقاطى : 12789 عدد مرات الشكر : 17 دعائى : مزاجى : شيخك المفضل : محمد حسان تاريخ ميلادى : 09/04/1993 تاريخ التسجيل : 23/10/2009 عمرى : 31 بلدى : مصرررررررر العمل/الترفيه : طالبة .. فى ملك الله
| موضوع: رد: وصايا تربوية السبت ديسمبر 04, 2010 6:55 pm | |
| الوصية الرابعة
استشر قبل أن تُقدم " وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ "
لا تَعْجَل ففي العَجَلةِ النَّدامة. قال علي - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - (من شاورَ الناس شاركها عُقولها، ومن أُعجب برأيه ضَل، ومن استغنى بعقله زل).
وقال يوصي ابنه الحسن - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -وأَمسِك عن السَّير إذا خِفْتَ ضلالةً، فإنَّ الكَفَّ عند حِيرة الضَّلالة خيرٌ من ركوب الأهوال)
ولاتحسب الشورى عليك غضاضةً فإن الخوافي قوةً للقوادِم إنَّ طريقك هذا الذي تسيرُ فيه لا تصلُح فيه الأهواء، والتَّعصب للآراء، والإصرار على الأخطاء. هل تستطيع أن تتحمل قطرة دمٍ تكتشف بعدها أنَّها سالت لاستعجال في الحكم أو تسرُعٍ في التقدير؟ أم هل تستطيع أن تأخذ شيئاً تحسبه مغنماً ثم يكون عليك مغرماً؟ أم هل تستطيع أن تقطف ثمرةً تظُنُها حلوةً وإذا بها مرةٌ كالعلقم؟
لا تظنُ أن خطأً من الفرد يقعُ أثناء الطريق يكون أثره على صاحبه فقط، بل مع التجربة والاستقراء وجدنا أن المسيرة تتحمل تلك الأخطاء وينالُها من التَّشويهِ والتهويل ما ليس فيها، ولو أننا اتخذنا المشورةَ مسلكاً، وطريقةً، وأسلوبَ عمل؛ لجنَّبنا أنفسنا ومسيرتنا كثيراً من الأثقال التي أبطأت حركتها وتقدُّمها.
ولقد فطن لأهمية ما نقول فحول الرجال، أولو العقول الراجحة، والأفهام الواسعة، ممن أوتوا العلم والحكمة معه!!
فهذا المُحدَّثُ الفاروقُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - يفرزُ لك الرجال ويُبيِّنهُم- ولا شك أن أفضلهم أوسطهم- فيقول: (الرجالُ ثلاثة رجلٌ ترِدُ عليه الأمورُ فَيَصدُرُها برأيه، ورجلٌ يُشاورُ فيما أشكلَ عليهِ ويَنْزِلُ حيثُ يأمُرُه أهلُ الرَّأي، ورجلٌ حائِرٌ بائرٌ لا يَأتَمِرُ رُشداً، ولا يُطيعُ مُرشِدا).
وقال علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - نِعْمَ المُوازَرَةُ المشاورة، وبِئس الاستعدادُ الاستبداد)
وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: (إنَّ المشاورةَ والمناظرةَ بابا رحمةٍ، ومُفتاحا بركةٍ لا يَضِلُّ معهما رأيٌ ولا يُفقدُ معهما حزم)
أما خالد بن معدانٍ فيقولا لحزمُ ( أنْ تُشاوِرَ ذا لُبٍ، ثمَّ تُطيعَه.)
ثم إنك إن استشرت فلا تبحث عمَّن يوافق هواه هواك، فأصلُ المشورةِ البحث عن الحقِّ والصوابِ لا البحثُ عمَّن نظُنُّ أنَّه يوافقُنا لما نذهبُ إليه!
قال صاحب المدخل أنْ لا يكونَ لهُ في الأمر المستشارِ فيه غرضٌ يُتابعه، ولا هوىً يُساعده، فإن الأغراض جاذبة، والهوى صادٌ والرأي إذا عارضه الهوى وجاذبته الأغراض فسد.)
وقال الفضل بن العباس:
وقد تُحكمُ الأيامُ من كان جاهلاً ويُردي الهوى ذا الرأيِ وهو لبيب وهذا لا شك يحتاجُ إلى تربيةٍ وتدريبٍ على دفع الهوى وصدِّه فيما تُؤمنُ عاقبتهُ للوصول إلى صدِّ ما تُهلكُ عاقبته.قال ابن الجوزي (وينبغي للعاقل أن يتمرَّنَ على دفعِ الهوى المأمونِ العواقبِ، ليستمرَّ بذلك على تركِ ما تؤذي غايتُه)
سئل ابن المقفع عن الهوى فقال: هوانٌ سرقت نونُه !! فنظمه شاعر فقال: نونُ الهوانِ من الهوى مسروقةٌ فإذا هويتَ فقد لقِيْتَ هوانا ( إذا أردت -أي هممت- أن تفعل أمراً فتدبر عاقبتَه، بأن تتفكر وتتأمل ما يُصلحه ويُفسده، وتُدقق النَّظر في عواقبه مع الاستخارة ومشاورة ذوي العقول، فالهجوم على الأمور من غير نظر في العواقب موقع في المعاطب فلذا قيل: ومن تركَ العواقِبَ مُهملاتٍ فأيْسرُ سعيَهُ أبداً تَبارُ
إنَّ العمل للإسلام ليس عملاً شخصياً - بحيثُ نجعله في محل التجربةِ فإن نجح وإلاَّ أعدنا الكرَّة فيه مرةً أخرى، ولا عملاً استثنائياً قد تترتَّبُ عليهِ نتائجُ مهمةٌ أو لا تترتَّب بحيث نجعله تحت استبدادِ شخصٍ أو أشخاص يتحركون بهِ ومن خلالهِ دون استشارةٍ أو دراسةٍ أو استعدادٍ؛ بل بحماسةٍ واندفاعٍ واستعجالٍ، فيحلُّ الإفسادُ مكان الإصلاح، والخطأُ محل الصواب، والهزيمة بدل النَّصر- وإنما هو(مشروع أمةٍ) تتحركُ فيه ومن خلالهِ وفق أهدافٍ واضحةٍ وإمكانيات مُستطاعة وظروفٍ متاحة.
لا تحرموا أنفسكم
من الحِرمان أن يَحرِم المرؤ نفسهُ مشورة إخوانه، والأشدُّ حرماناً من يحرمَ نفسَهُ ذلك لاعتقادِهِ أنَّه على الصَّواب، وأنَّ من حولهُ ليسوا أهلاً للاستشارةِ وطلب النُّصح، وهذا نوعٌ من الغرور والاستبدادِ لا يصلُحُ للأعمال العِظام والقرارات المصيريةِ التي يكونُ الناتجُ السلبيُّ فيها مؤثراً تأثيراً مباشِراً على مسيرةِ العمل الإسلامي كُله !!
والجماعات الجِهادية كغيرها من مكونات الطَّيف الحركي في العمل الإسلامي مدعوةٌ للتعاطي الحقيقي مع سُنَّة الاستشارة، لأنها بحاجةٍ إلى أخواتها من الحركات الدعويةِ والفكريةِ والسياسيةِ والاقتصاديةِ في العمل الإسلامي ولا تستغني عنهم بحالٍ من الأحوال، كما أنَّهنَّ لا يستغنين عنها - فالكلُّ يكمِّلُ بعضه البعض- فاستشارتهم والتَّباحُث معهم وإشراكهم في اتخاذ القرار - والذي لا شكَّ أن نتائجه تؤثر على الجميع - أمرٌ مهمٌ ولا مفرَّ منه، فالاشتراك في تحمُل المسئولية سبيلٌ ناجحٌ وناجعٌ في استثمار النَّجاح وتوظيفهِ، وكذلك في تحمُّلِ الخطأِ وتصليحه ومن ثَمَّ تجاوزه.
وكم حملَ لنا التَّاريخُ من نتائج مُحزنة وانتكاساتٍ مُحرجة كان سببها الاستبدادُ في الرأي وتهميشِ الآخر، وإهمال العقول بدل إعمالِها، وتعطيلِها بدل توظيفها!!.
وهذه الأمةُ لا تجتمعُ على ضلالة كما أخبرَ بذلك النبيُ - صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فقال " إِنَّ اللهَ لا يَجْمَعُ أُمَّتِي أو قال أُمَّةَ مُحَمَّدٍ على ضَلالَةٍ وَيَدُ اللهِ مع الْجَمَاعَةِ وَمَنْ شَذَّ شَذَّ إلى النَّارِ " ولعلَّ مفهوم المُخالفةِ يبرزُ هنا حيث يُمكننا القول أنَّ تفرَُق الأمةِ يُمكنُ أن يؤدِّي إلى الضلالةِ في مجموعِ أفرادها في المنهجِ والفكرةِ والرأي والقرار!!.
"إنَّ الشَّيْطَانَ ذِئْبُ الإِنْسَانِ كَذِئْبِ الْغَنَمِ يَأْخُذُ الشَّاةَ الْقَاصِيَةَ وَالنَّاحِيَةَ فَإِيَّاكُمْ وَالشِّعَابَ وَعَلَيْكُمْ بِالْجَماعَةِ وَالْعَامَّةِ والْمَسْجِدِ"
*أشيروا عليَّ أيها الناس
لسنا أفضلُ ممن لا ينطق عن الهوى.. ممن يأتيه الوحي من السماء.. من المعصوم - صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- حيث اتخذ المشورة له مسلكاً وطريقاً وهو الغني عنها بما أغناه الله من العلم والفهم والنظرة الثاقبة والعصمة. ولكنه المنهج السليم الذي أراد النبي - صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أن يعلمه أمته أفراداً كانوا أم جماعات. وهذا ما استنبطه الماوردي رحمه الله في كتابه أدب الدين والدنيا حيث يقول ومن الحزمِ لكل ذي لُبٍ أن لا يُبرمَ أمراً ولا يُمضي عزماً إلا بمشورةِ ذي الرأيِّ النَّاصحِ، ومطالعةِ ذي العقلِ الراجح؛ فإن الله تعالى أمر بالمشورةِ نبيَّه مع ما تكفَّل به من إرشادِه وعونِه وتأييدِه فقال تعالى:"وشاورهم في الأمر") إن حياته - صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- مُلأت بالاستشارة في دقيق الأمور وجليلها وعامِّها وخاصِّها • "أَشِيرُوا أَيُّهَا الناس عَلَيَّ أَتَرَوْنَ أَنْ أَمِيلَ إلى عِيَالِهِمْ وَذَرَارِيِّ؟ " قالها عليه الصلاة عندما أُخبر أن الأحابيش جمعوا له وهم مقاتلوه وصادُّوه عن البيت. • "أَشِيرُوا عَلَيَّ في الْكَعْبَةِ أَنْقُضُهَا ثُمَّ ابني بِنَاءَهَا أو أُصْلِحُ ما وَهي منها؟" • "أشيروا علي في المنْزِل" قالها عليه الصلاة والسلام عندما أراد النزول عند أدنى ماءٍ من بدر • "أَشِيرُوا عَلَيَّ في أُنَاسٍ أَبَنُوا أَهْلِي وَايْمُ الله ما عَلِمْتُ على أَهْلِي من سُوءٍ" . قالها النبي - صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- عندما قُذفت أُمنا الطاهرة المطهرة. وسار على ذلك أصحابه من بعد ولن يُصلح آخر هذه الأمة إلاَّ بما صلح به أولها."وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ" الاستشارة وإلاَّ البراءة
"اللهم إني أبرءُ إليك مما صنع خالد بن الوليد".. قالها النبي - صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- حين بعثه إلى ماء من مياه جذيمة من بني عامر فقتل منهم ناساً لم يكن قتلُه لهم صوابا فوَدَاهم رسول الله - صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- . وفي تبرؤ النبي من خالدٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - حكمةٌ ذكرها الخطابي حيث قال: (الحكمة في تبرُّئِه من فعل خالد -مع كونه لم يعاقبه على ذلك لكونه مجتهداً- أن يُعرف أنه لم يأذن له في ذلك، خشية أن يعتقد أحدٌ أنه كان بإذنه ولينْزَجِر غير خالد بعد ذلك عن مثل فعله)
فهل عُرف القصد وبان المُراد؟! | |
|
najwa nour عضو محترف
ما هو سبب اشتراكك بالمنتدى : للتعلم اكثر و وضع بصمة في الحياة علم الدوله : الجنس : كيف عرفت المنتدى : google احترام قوانين المنتدى : عدد المساهمات : 1218 نقاطى : 7055 عدد مرات الشكر : 0 دعائى : مزاجى : شيخك المفضل : مصطفى حسنى تاريخ ميلادى : 29/12/1982 تاريخ التسجيل : 09/03/2012 عمرى : 41 بلدى : الجزائر
| موضوع: رد: وصايا تربوية الأحد سبتمبر 01, 2013 9:29 pm | |
| | |
|