** وظيفتك الجديدة.. خذها بقوة **

وظيفتك الجديدة.. خذها بقوة

تكررت عبارة :
"Hitting the ground running"
وسط كلام الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما، والعبارة توحي على الإجمال بالبدء بعزم وشدة في حادث الأمور وجديد الأعمال وطازج الأفكار، وتبدو أنها نهج ينتهجه في حياته، ويحرص على أن ينفذ به ما يقول، لا أن يتكلم بما لا يعمل، فقد بدا الرجل رئيسا وتصرف على هذا النحو في أثناء حملته الانتخابية قبل أن يترأس بعدة أشهر حتى وصفته النيويورك تايمز بأنه :
"Too presidential"
وربما كان هذا سر نجاحه.
وهي تشبه -للتقريب والتصوير- شخصا يهبط من السماء بمظلة، فما إن تلمس قدماه الأرض حتى يشرع في العَدْو، وتكون عزمة ركضته الأولى هي الأشد، أو كمن يرفأ إلى اليابسة من البحر فما إن تطأ أولى قدميه الشاطئ حتى يشتد في العدو.
وبينما أبحث عن معنى العبارة في معاجم التعابير، وجدت التوجيه الرباني لنبيه يحيى عليه السلام أن يأخذ "الكتاب بقوة"، أو الأمر الإلهي للكَليم موسى عليه السلام "وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا"، أوفى وأجل ما خلصت به من نحو ستة تفسيرات وشروح للعبارة الإنجليزية.
هذا النهج أو ذاك القول المأثور، يوصي خبراء الموارد البشرية بالعمل به حرفيا، فعليك أن تبحث لنفسك عن وظيفة جديدة بجد وعزم، وأنت ما زلت تعمل في وظيفتك، فنحن في عالم متقلب، وربما تضطر المؤسسة أو الشركة التي تعمل بها لتسريحك لأي سبب، أو تعاني أنت من عدم استقرار.
لذا هب أنك بصدد عمل جديد، أو أنك قلق بشأن فقدان عملك، فلا تبطئ في البدء بالتخطيط للخطوة القادمة، ولا تنتظر حتى يقع المحذور، إذ إن بعض الإستراتيجيات المتبعة في البحث عن فرصة عمل تأخذ وقتا طويلا حتى تثمر وتصير فعالة، والأفضل لك أن تسبق بخطوة وتبدأ "قبل الهنا بسنة" بجدية وإخلاص وتفانٍ.
يجب عليك أن تشرع من فورك، لا أن تنتظر حتى تجد نفسك بلا عمل، ثم تبدأ في السعي بحثًا عن عمل جديد، بل قبل أن تترك عملك السابق، تكون بالفعل قطعت أشواطا حثيثة بحثا عن وظيفة جديدة، ونزلت مضمار السباق نحوها وأنت راكض تعدو.
إن خبراء الموارد البشرية يشبهون الأمر بمتسابق الخماسي الحديث، ما إن ينتهي من مرحلة حتى يجدّ مبتدئا في أخرى وهو في قمة عزمه وعنفوان كده، ولا مجال لالتقاط الأنفاس، وما ينبغي عليه أن يتعلل بأنه بذل قصارى جهده في المرحلة السابقة، بل يبدأ كل جديد وهو عاقد التصميم شديد البأس.
سيرة ذاتيةطازجة
من المستحسن أن تعتاد على تدوين إنجازاتك وكل ما يجد في تاريخك المهني أولا بأول، حتى لا تقع فريسة للاستعجال والهرولة إذا ما دعت الحاجة لتقديم سيرتك الذاتية فورًا أو بشكل عاجل، ساعتها لن تحتاج لعصر ذهنك كي تستكملها، وتكون في غنى عن استنزال الإلهام لتجويدها، بل تنجز ما تريد في غضون دقائق معدودة.
لا تكن انتقائيا في تدوين إنجازاتك، حذار، فما يدريك أي المهارات التي ستسأل عن إثبات إجادتها وتمكنك منها، عندما تخضع لاختبار أو مقابلة؛ لذا لا تنتق ما تسجله، بل سجل الصغيرة والكبيرة.
أفرد قائمة يتم فيها سرد النجاحات التي أحرزتها بشكل مستقل فضلا عن شيوعها في السيرة الذاتية، فهذا يمنحك نقاط قوة كثيرة ويخطف الأبصار إليها، الأمر الذي يعطيك مجالا للحركة وحرية في اختيار الأدوار التي يمكن أن تلعبها، وتوكل إليك حال فوزك بوظيفة جديدة.
دون ذلك، وأنت تفكر في ضوء مدى التأثير الذي أحدثه عملك في حصاد المؤسسة أو المؤسسات التي عملت بها، ما المشاكل التي حللتها؟ ما القيمة التي أضفتها؟ حيثما كان ممكنا، عدد إنجازاتك، ولا تستبعد أدق النتائج التي أسفر عنها عملك، هل أنت خبير في شيء ما؟ هل لديك مهارة تجعلك استثنائيا؟ أو ما هي المهارة التي تجعل منك نفسيا مفردا في مؤسستك أو شركتك؟
احتفظ فيها دائما بما يزكي سيرتك؛ سواء كان استحسانا من مديريك أو ثناء عملاء تعاملت معهم أو رضا وارتياح نلتهما من مؤسسة أخرى كنت أنت ممثلا لشركتك خلال التعامل معها. لا تخجل في طلب التزكيات، واحرص على الحصول عليها لكي تدعم الصورة الذهنية المرتبطة بك، واحتفظ أيضا بنسخ من أي ثناء مكتوب عن أدائك، أو توصيات باستخدامك، أو كفاءة أثبتها في مواقف صعبة أحسنت فيها التصرف، وأحرزت بذلك شهادة مديح لك وتقدير. وعلى ذكر الأخيرة ضَمِّن في السيرة الذاتية بعض الشهادات التي في صالحك كاقتباسات تمتدحك لتخطف عيون المطالعين لسيرتك الذاتية وتلفت أنظارهم.
صن صورتك منالدنية
الإنترنت صارت شديدة الأهمية في حياتنا الآن، وأقسام الموارد البشرية بالشركات تبحث عن ضالتها وتستكمل بياناتها بالإنترنت، فهب أنه جرى البحث عنك مثلا في محرك جوجل (الذي يحتل المقام الأول)، وللأسف قاد المحرك الباحثين عنك إلى محتوى يثير حولك الشكوك أو التساؤلات فيما يتعلق بمهنتك أو عملك، لذا ابدأ من الآن في دفع الروابط التي ترسم صورة سلبية عنك إلى أسفل القائمة، واعمل على استبدالها فورا وضع مكانها ما يطيب به ذكرُك ويعطر سيرتك، وبما يترك في الأذهان انطباعًا عن شخص أكثر احترافا، إحدى أسهل الطرق لذلك هو أن تبني لنفسك profile )إن لم يكن لك واحدا بالفعل( في موقع Linkedin، ففي أي بحث عنك سوف تقفز في الصدارة الرابطة المشيرة لك فيه، وتتقدم على أي رابطة أخرى تسردها محركات البحث عنك.
كذلك تحديثات موقع Twitter تحتل مرتبة متقدمة على قائمة أي بحث في جوجل، لذا استغل حسابك فيه في تبادل أخبار مهنتك والمعلومات القيمة مع ذوي الاهتمام، وأَوْلِ البيانات الخاصة بك على المواقع الاجتماعية، مثل facebook - عنايةً خاصة لما لها من تأثير بالغ في رسم الصورة الذهنية المرسومة عنك، وإذا لزم الأمر، يمكنك تغيير إعدادات الخصوصية للحد مما يمكن أن يرى الناس عنك.
علاقاتكالمهنية.. دعمها وأنعشها
ضع نفسك في موقع منظور في مهنتك.. اظهر، احضر الفعاليات والمناسبات، شارك في الجماعات المهنية بمجالك، ابدأ دائما في الاتصال، وصل الروابط التي سبق بناؤها سواء داخل المؤسسة أو الشركات التي تعمل بها أو في محيطك المهني، كن معروفا بلطف ودون افتعال.
تعرف على كل ذي اهتمام محتمل، ابنِ علاقات جيدة معهم، ما الذي تستطيع فعله لأجلهم؟ فكلما زاد عونك للآخرين، فالأرجح ستزيد رغبتهم في عونك، تبادل معهم المعلومات واللمحات المفيدة النافعة، قدمهم للآخرين يقدمونك لآخرين غيرهم.
انظر لمسألة نسج شبكة علاقات مهنية على أنها واجب أو مقرر يقتضيه الصعود في المهنة، لا بحسبانه أمرا تلجأ إليه مرغما إذا فقدت وظيفتك ورحت تبحث عن غيرها، خصص وقتا أسبوعيا تتواصل فيه مع أرباب وأقران المهنة، سواء بالحديث عبر التليفون أو بالمراسلة عن طريق البريد الإلكتروني، أو حتى تقابل معهم في أي منتدى عام أو خاص، ولو في مقهى.
داوم على اكتسابمهارات
ألق نظرة على إعلانات الوظائف التي تقع أنت في محيط طلبها، ثم سل نفسك أي المهارات مطلوبة ولا أتمتع بها؟ قم مثلا بعمل حصر لها، وضع قائمة بإجمالي تلك المهارات، ثم التمس سبيلا لاكتساب ما لا تتقنه منها.
اطلب من مديرك أن يقذف بك في مشروع مختلف، حيث يمكنك أن تتعلم فيه ومنه شيئا جديدا، ابحث أنت عن الدروس والدورات التدريبية المجانية المبذولة على الإنترنت، وتعلم منها ما يرتفع معه سقف مهاراتك.
بل يمكنك –إذا اتسع لهذا وقتك- أن تتطوع دون النظر لمقابل مادي، للالتحاق بمشاريع خارج الشركة أو المؤسسة التي تعمل بها لتكسبك مهارات جديدة، هب أن تعمل مثلا في مجال تقني أو عملي، إن تطوعت في تنظيم ورعاية وإدارة لجنة محلية أو حدث محدود، فإن ذلك يصقل مهاراتك الإدارية والتنظيمية أو يكسبك الذي ينقصك منها، حيث تقوم بالعمل ولا خوف على الإطلاق من محاذير العمل الرسمي المهني، وهذا سوف يسهم في تكملة الجوانب السابقة من بناء لعلاقات عامة ومهنية جديدة وتدعيم الروابط القائمة، والتعرف على أنماط جديدة من الناس.